Monday, 28 February 2011

تشبيه المؤمن بالنخلة

Monday, 28 February 2011 0
ورد في صحيح البخاري:
1- عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ،وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ،وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ،وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ "

2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ ، وَالْفَاجِرُ كَالْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ "

3- عن مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَلَا يَتَحَاتُّ"، فَقَالَ الْقَوْمُ: هِيَ شَجَرَةُ كَذَا هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ فَاسْتَحْيَيْتُ ،فَقَالَ: " هِيَ النَّخْلَةُ "

*وقد وجدت شرحا علميا عجيبا للحديث الأخير ، وهو فيما يلي:


(( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها ))



إعداد الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى.

في جلسة علمية إيمانية عصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذهن أصحابه قائلاً لهم: ( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها ) أي لا يسقط ورقها.
هل تعلم أخي المسلم الشجرة المقصودة في لحديث السابق؟!
وما الحكمة في تشبيه المؤمن بهذه الشجرة ؟!
الحديث كما رواه الإمام مسلم في صحيحه: عن ابن عمر (رضي الله عنهما ) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن ؟!!
وفي رواية ( مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها ).فجعل القوم يذكرون الشجر من شجر البوادي، قال ابن عمر (رضي الله عنهما): وألقي في روعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها فإذا بأسنان القوم (أي كبارهم وشيوخهم) فأهاب أن أتكلم.
فلما سكتوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هي النخلة ".
إذاً الشجرة المقصودة هي النخلة.
الشجرة والمؤمن:
- الشجرة سيدة المملكة النباتية من الناحية العلمية، الظاهرية، والتشريحية والوظائفية، والبيئية فهي: معمرة تتغلب على التقلبات السنوية، طيبة مثمرة نافعة.
- المؤمن: سيد المخلوقات الإنسانية من الناحية العلمية، والعقائدية،والوظائفية والاجتماعية فهو: يتحمل المصاعب، مثمر أينما وقع نفع.
والسؤال المطروح عليك أخي المسلم ما الحكمة في تشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنخلة؟
إليك بعض ما فتح الله به علينا في ذلك:
أولاً: ثبات الشكل الظاهري:
فالنخلة رغم جمالها الأخاذ لها شكل ظاهري واحد لا يتغير إلا للأحسن فيزداد حسنها بظهور ثمرها ودنو قطوفها، وللمؤمن أيضاً هيئة ظاهرية واحدة، لا يتقلب حسب الموضة والأهواء، ولكنه يتزين لزوجته فيسرها بمنظره قال ابن عباس: ( إني أتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي )، وهو يتزين في العيدين وقت قطوف ثواب الصوم والحج كما تتزين النخلة وقت قطوف الثمر، ويتزين يوم الجمعة، وعند المجالس، والمساجد ومقابلة الوفود، وهو يتزين بالمشروع ولا يتزين بغير المشروع.
ثانياً: ثبات الأصل وسمو الفرع:
فالنخلة أصلها ثابت في الأرض، وفرعها في السماء، تتحمل الجفاف، وتقلبات الطقس، وتصبر على الشدائد البيئية، ولا تعصف بها الرياح بسهولة، وتستمد طاقتها من الشمس والهواء بورقها المهيأ لذلك وقوتها في هالتها الورقية.
والمؤمن قوي ثابت في أصول الإيمان، يرتبط بالأرض التي خلق منها واستمد منها الماء والمعادن، ويتحمل الشدائد والفتن والابتلاء، ويصبر ولا يضجر وهامته مرفوعة تستمد نورها وعلمها من السماء، حيث الوحي وأوامر الله، ويرفع يديه إلى الله في الدعاء والشدة. وقوة المؤمن في عقله وتفكيره، وقوة النخلة في هالتها الورقية، والمؤمن لا يستغني عن الوحي الإلهي، والنخلة لا تستغني عن الضوء الإلهي.
ثالثاً: النفع الدائم:
فالنخلة نافعة بثمارها، وأوراقها، وظلها، وجذعها، وخوصها، وكرانيفها، وليفها، وكروبها، وعذوقها، وأنويتها، وقطميرها، وجمارها، وجمالها في حياتها وبعد موتها.
والمؤمن أينما وقع نفع، وهو نافع: بعلمه، وأخلاقه، وماله، وجهده، وحديثه، وفضل زاده، وفضل ظهره، وفعله، وقوته، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وتعاونه على البر والتقوى، وتراحمه، وترابطه، وتآزره مع المجتمع.
رابعاً: مقابلة السيئة بالحسنة:
فالنخلة صبورة حليمة كريمة تُرمى بالحجر فتسقط أطيب الثمر.
والمؤمن معرض عن اللغو، وإذا خاطبه الجاهلون قال سلاماً، ويصفح عن المسيئين ولا يظلم ولايجهل على الجاهلين كما قال الشاعر:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا
يرمى بحجر فيلقي بأطيب الثمر
خامساً: دنو القطوف مع سمو الأخلاق:
فالنخلة قطوفها دانية في كل أحوالها، في حال قصرها وطول جذعها لسهولة الصعود إليها، والصعود إليها لا ينال من أوراقها، ولا يكسر أغصانها، ولا ينال جُمارها ولابرعمها الطرفي.
والمؤمن سهل القطوف، يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، ويطعم الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، يحب الناس ويغدق عليهم، ولا يتخلى عن أخلاقه وثوابته مهما زادت الألفة والمحبة والمخالطة بينه وبين الناس.
سادساً: يؤكل ثمرها كل حين:
فالنخلة نافع بثمارها،وأوراقها، وظلها، وجذعها، وخوصها، وكرانيفها، وليفها، وكروبها، وعذوقها، وأنويتها، وقطميرها، وجمارها، وجمالها في حياتها وبعد موتها.
فالنخلة يؤكل ثمرها بكميات كافية كل حين على هيئة: الطلع، والجمري، والبُسر، والرطب، والمقابة، والتمر(1)، وعندما تجف الثمار تؤكل طوال العام فهي زاد للمسافر وعصمة للمقيم، سهلة التخزين بطيئة الفساد والتغير.
والمؤمن يخرج زكاة ماله كل حول إن بلغ ماله النصاب، ويخرج زكاة فطره في رمضان، ويتصدق طوال العام، ويسارع في الخيرات، ويطعم الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، وهو يطعم عند العقيقة لأبنائه، وعند الزواج، وعند الأضحية، وعند الحج، وعند خروج الثمار وغير ذلك من أوجه إطعام الطعام.
سابعاً: محكومية الحركة:
فالنخلة غير مدادة، لا تعتدي على جيرانها بسيقانها أوفروعها، ولها حرم معلوم، وهي محكومة في انتشارها في البيئة لذلك لا تؤذي المحيطين بها.
والمؤمن محكوم بالضوابط الشرعية مع المحيطين به، متوقع السلوك، لايدخل بيت غيره إلاﱠ بإذنه، ولايطلع على عورات غيره، ولايترك لبصره العنان، تجده حيث أمره الله، وتفتقده حيث نهاه، ويتقي الله حيثما كان.
ثامناً: تشذب في العام مرة:
فالنخلة تشذب في العام مرة حيث تسقط الأوراق الصفراء التالفة.
والمؤمن يصوم في العام مرة، وتسقط عنه ذنوبه بالصوم، ويتزين بعد الصيام في العيد.
تاسعاً: أهمية البرعم الطرفي:
فالنخلة على خلاف معظم الشجر تموت إذا قطع برعمها الطرفي.
والمؤمن من دون العقل يسقط عنه التكليف والحساب، ويصبح في عداد الأموات من حيث الثواب والعقاب.
عاشراً: معلومية التلقيح:
فالنخلة رغم أنها من ذوات الفلقة الواحده ذاتية التلقيح الهوائي مثل القمح والشعير والذرة والموز والأرز، ولكن النخلة خلاف نباتات الفلقة الواحدة تحتاج إلى تأبير، وهي تعلن عن حاجتها للتلقيح عندما تخرج نوراتها، وعندما يتم تلقيحها تنشق بطريقة يعلم الجميع منها أنها لقحت، وإذا تركت دون تلقيح بالإنسان شاصت.
وكذلك المؤمن مشهود على زواجه ودخوله بزوجه من الجميع، ومعلن عن ذلك بالدفوف، ويحتاج زواجه إلى شاهدين وولي وإيجاب وقبول، والزواج السري باطل.
أحد عشر: أفضلها معلومة الصفات الوراثية:
فأفضل أنواع النخل معلوم الأصل يتم تكاثره خضرياً بالفسائل أو بزراعة الأنسجة.
والمؤمن معلوم الأصول الوراثية، وهو ثابت في دينه، لايبتدع، ولايخلط شرع الله بشرع البشر، وإذا صنع ذلك فسد عمله ورد كما يتلف النخل إذا بدل صفاته الوراثية، ولاتؤكل ثماره ولاتباع بسهوله، بل يعلف به الدواب لرداءته.
ثاني عشر: حلو الطعم عديم الرائحة:
فثمار النخلة حلوة الطعم عديمة الرائحة، وكذلك المؤمن الذي يعمل بالقرآن ولايقرؤه، فطعمه حلو ولا رائحة له.
ثالث عشر: تفاوت الدرجات:
فالنخلة أنواع وأجناس وأصناف، منها شديد الحلاوة ممتاز الطعم (كالعجوة وهي تمر المدينة المنورة التي زرعها المصطفى صلى الله عليه وسلم بيديه ومنها جيد الطعم ومع ذلك ففي كل النخل خير، وكذلك إيمان المؤمن يزيد وينقص، والمؤمنون درجات منهم الصديقون ومنهم السابقون ومنهم المذنبون ( والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير).
رابع عشر: النخلة لايتساقط ورقها:
الورقة في النبات هي الموضع الرئيس للبناء الضوئي والنتح ورفع العصارة من الأرض، وتثبت ثاني أكسيد الكربون الجوي وطاقة الشمس الضوئية وتشطر الماء لتنتج المواد الغذائية والأكسجين للكائنات الحية وبها تظلل الشجرة الإنسان والحيوان، وعندما تسقط الورقة في النباتات الوسطية، تتوقف العمليات السابقة وتدخل الشجرة في كمون للعام القادم.
أما النخلة فهي من النباتات دائمة الخضرة التي لايتحات ( أي يسقط ) ورقها فهي دائمة البناء الضوئي وانتاج الأكسجين والتظليل وصعود العصارة.
وهكذا المسلم دائم التلقي من الله ودائم الإنتاج والعبادة طوال العام ولايستغني عن رحمة الله ورزقه وطاعته طرفة عين فهو دائم التلقي والعطاء، كما أن النخلة دائمة التلقي والعطاء.
النخلة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه الكرام:
النخلة هي الزرع أي الأصل، والصحابة هم الشطء أي الفسائل وهذا مثل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابه في الإنجيل ( ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) الفتح 29. وقدبينا الاعجاز العلمي في هذه الآية، وكيف يشهد القرآن والنبات بعدالة الصحابة واتباعهم(2).
وصف جميل للنخلة:
قال لقمان لابنه يا بني: ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله خليلاً صالحاً فإنما الخليل الصالح كالنخلة إذا قعدت في ظلها أظلتك، وإذا احتطبت من حطبها نفعتك، وإذا أكلت من ثمارها وجدته طيباً.
وعن الشعبي أن قيصر ملك الروم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما بعد فإن رسلي أخبرتني أن قِبَلكم (بكسر القاف وفتح الفاء ) شجرة، تُخرج مثل أذان الفيله، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض، ثم تخضر كالزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج (حلوى) أكل، ثم تينع وتيبس فتكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فإنها من شجر الجنة.
فكتب إليه عمر رضي الله عنه يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن رسلك قد صدقتك، وإنها الشجرة التي أنبتها الله جل وعز على مريم حين نفست بعيسى فاتق الله ولاتتخذ عيسى إلها من دون الله.
قال أبو حاتم السجستاني رحمه الله في كتابه النخل: النخلة سيدة الشجر مخلوقة من طين آدم – صلوات الله عليه – وقد ضربها الله – جل وعز- مثلاً لقول (لاإله إلا الله ) فقال تعالى: ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة )، وهي قول لاإله إلا الله ( كشجرة طيبة ) وهي النخلة، فكما أن لا إله إلا الله سيدة الكلام كذلك النخلة سيدة الشجر
وهكذا إخوة الإسلام مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها فهو كالنخلة في صفاتها ونفعها وجمالها وكرمها وسموها.

بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
أستاذ النبات ـ ومدير مركز ابن النفيس في البحرين

Monday, 21 February 2011

قراءة الحائض للقرآن

Monday, 21 February 2011 0
هل يجوز للحائض أو النفساء قراءة القرآن، وإن كانت لا تحفظ فهل يجوز لها مس المصحف؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء وجعل ما تبذلونه في ميزان حسناتكم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد 
فهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم، فجمهور الفقهاء على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة كقول: بسم الله الرحمن الرحيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني.
يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة ـ رحمه الله ـ  
يجوز لك أن تقرئي القرآن، ودم الحيض نازل عليك فعند السادة المالكية يجوز للحائض قراءة القرآن حال نزول الدم. أما بعد انقطاعه فإنه لا يجوز لها القراءة قبل أن تغتسل، لأنها صارت متمكنة من الاغتسال، فلا تحل لها القراءة قبله.
وعند الحنفية يحرم على الحائض قراءة القرآن إلا إذا كانت معلمة، فإنه يجوز لها أن تلقن تلميذاتها كلمة كلمة. بحيث تفصل بينهما، كذلك يجوز لها أن تفتتح أمرًا من الأمور ذات البال بالتسمية، وأن تقرأ الآية القصيرة بقصد الدعاء، أو الثناء على الله.
أما الشافعية فيقولون: يحرم على الحائض قراءة القرآن ولو حرفًا واحدًا إن قصدت تلاوته أما إذا قصدت الذكر مثل أن تقول عند الأكل "بسم الله الرحمن الرحيم" أو جري لسانها بالقرآن من غير قصد لتلاوته فلا يحرم.
وعند الحنابلة يباح للحائض أن تقرأ ما دون الآية القصيرة، أو قدره من الآية الطويلة ولها أن تأتي بذكر يوافق لفظ القرآن، كقولها عند ركوب الدابة أو السيارة "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين".
وعلى هذا فمن كل ما تقدم يتبين جواز إلقاء الدروس الدينية بآياتها القرآنية ممن نزلت عليها الحيضة، لكن عليها إذا انقطعت حيضتها أن تبادر بالاغتسال، فقد صارت متمكنة منه، فلا عذر لها بعد ذلك.
يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله-:
اختلف العلماء رحمة الله عليهم في قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم : فذهب جماعة من أهل العلم إلى تحريم ذلك وألحقوهما بالجنب، وقالوا : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنب لا يقرأ القرآن، لأن الجنابة حدث أكبر، والحيض مثل ذلك، والنفاس مثل ذلك فقالوا: لا تقرأ الحائض ولا النفساء حتى تطهرا، واحتجوا أيضا بحديث رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن .
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول أياما كثيرة فلا يصح قياسهما على الجنب؛ لأن مدته قصيرة؛ لأن في إمكانه إذا فرغ من حاجته أن يغتسل ويقرأ ، أما الحائض والنفساء فليس في إمكانها ذلك ، وقالوا في الحديث السابق الذي احتج به المانعون إنه حديث ضعيف ، ضعفه أهل العلم لكونه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة ، وهذا القول هو الصواب .
فيجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن عن ظهر قلب، لأن مدتهما تطول فقياسهما على الجنب غير صحيح، فعلى هذا لا بأس أن تقرأ الطالبة القرآن، وهكذا المدرسة في الامتحان وغير الامتحان عن ظهر قلب لا من المصحف.
أما إن احتاجت إحداهن إلى القراءة من المصحف فلا حرج عليها بشرط أن يكون ذلك من وراء حائل كالقفازين ونحوهما .
والله أعلم.



هل يجوز للحائض كتابة آيات قرآنية؟
السؤال: أود أن أعرف هل يجوز للمرأة أن تقوم بكتابة سور قرآنية باللغة العربية أثناء الدورة الشهرية؟


الجواب :
الحمد لله

يجوز للحائض وكذا النفساء قراءة القرآن من غير أن تمسه ، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (
2564) .
ثانياً :
يجوز للحائض وكذا النفساء كتابة آيات من القرآن، بشرط عدم مساس حروفه؛ لأن المنع إنما جاء من مس المصحف ، والكتابة ليست مساً .
جاء في " الجوهرة النيرة "من كتب الأحناف (1/31):
" يكره للجنب والحائض كتابة القرآن إذا كان مباشر اللوح والبياض ، وإن وضعهما على الأرض وكتبه من غير أن يضع يده على المكتوب لا بأس به..." انتهى .
وقال البهوتي رحمه الله :

" تجوز كتابته لمحدث من غير مس، ولو لذمي ؛ لأن النهي كما تقدم ورد عن مسه ، وهي ليست مساً.." انتهى من "كشاف القناع"(1/135) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
نحن الطالبات في كلية البنات علينا مقرر حفظ جزء من القرآن ، فأحياناً يأتي موعد الاختبارات مع موعد العادة الشهرية ، فهل يصح لنا كتابة السورة على ورقة وحفظها أم لا ؟ 


فأجاب :
"يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن في أصح قولي العلماء...، وهكذا الورقة التي كتب فيها القرآن عند الحاجة إلى ذلك ..." انتهى من مجموع فتاوى ابن باز(10/209) .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل تجوز كتابة بعض الآيات على السبورة بدون وضوء؟ وما حكم مس السبورة التي كتبت فيها تلك الآيات ؟

فأجاب :
"تجوز كتابة القرآن بغير وضوء ما لم يمسها . أما مس السبورة التي كتبت فيها تلك الآيات ، فإن فقهاء الحنابلة قالوا : يجوز للصبي مس اللوح الذي كتبت فيه آيات في الموضع الخالي من الكتاب، أي بشرط أن لا تقع يده على الحروف ، فهل تلحق السبورة بهذا أو لا تلحق ؟ هي عندي محل توقف "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/214) .
والله أعلم 



قراءة القرآن أثناء الحيض-رأي إبن تيمية


هل يمكن للمرأة أن تقرأ القرآن أثناء فترة الحيض أو الدورة الشهرية ؟

الحمد لله
هذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله :

فجمهور الفقهاء على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر ، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة كقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر .

واستدلوا على المنع بأمور منها :

1- أنها في حكم الجنب بجامع أن كلاً منها عليه الغسل ، وقد ثبت من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة " رواه أبو داود (1/281) والترمذي (146) والنسائي (1/144) وابن ماجه (1/207) وأحمد (1/84) ابن خزيمة (1/104) قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وقال الحافظ ابن حجر : والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة .
2-  ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " رواه الترمذي (131) وابن ماجه (595) والدارقطني (1/117) والبيهقي (1/89) وهو حديث ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460) : وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ.هـ . وينظر : نصب الراية 1/195 والتلخيص الحبير 1/183 .

وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك ، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها :
1- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ، وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن ، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء .

2- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن ، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم .

3- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض ، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً ، بخلاف الجنب فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة .

4- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم .  

فتبين مما سبق قوة أدلة قول من ذهب إلى جواز قراءة الحائض للقرآن ، وإن احتاطت المرأة واقتصرت على القراءة عند خوف نسيانه فقد أخذت بالأحوط .

ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب ، أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف للمُحدث لعموم قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم  إلى أهل اليمن وفيه : " ألا يمس القرآن إلا طاهر " رواه مالك 1/199 والنسائي 8/57 وابن حبان 793 والبيهقي 1/87 قال الحافظ ابن حجر : وقد صحح الحديث جماعة من الأئمة من حيث الشهرة ، وقال الشافعي : ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عبدالبر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه  المتواتر لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .أ.هـ وقال الشيخ الألباني عنه : صحيح .التلخيص الحبير 4/17 وانظر : نصب الراية 1/196 إرواء الغليل 1/158 .

حاشية ابن عابدين 1/159 المجموع 1/356 كشاف القناع 1/147 المغني 3/461 نيل الأوطار 1/226 مجموع الفتاوى 21/460 الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين 1/291 .

ولذلك فإذا أرادت الحائض أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيء منفصل عنه كخرقة طاهرة أو تلبس قفازا ، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك ، وجلدة المصحف المخيطة أو الملتصقة به لها حكم المصحف في المسّ ، والله تعالى أعلم



مصدر: إسلام اون لين




 .   .
 
والقلم وما يسطرون. Design by Pocket