Wednesday 25 April 2012

Tafsir Al-Baghawi-Muka surat 575

Wednesday 25 April 2012 0
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 20 )
( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى ) أقل من ( ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ) قرأ أهل مكة والكوفة: « نصفَهُ وثلثَهُ » بنصب الفاء والثاء وإشباع الهاءين ضمًا أي: وتقوم نصفه وثلثه وقرأ الآخرون بجر الفاء والثاء وإشباع الهاءين كسرًا عطفًا على ثلثي ( وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) يعني المؤمنين وكانوا يقومون معه ( وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) قال عطاء: يريد لا يفوته علم ما تفعلون، أي أنه يعلم مقادير الليل والنهار فيعلم القدر الذي تقومون من الليل ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) قال الحسن: قاموا حتى انتفخت أقدامهم، فنـزل: « علم أن لن تحصوه » لن تطيقوا معرفة ذلك. وقال مقاتل: كان الرجل يصلي الليل كله، مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام، فقال: علم أن لن تحصوه لن تطيقوا معرفة ذلك. ( فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) فعاد عليكم بالعفو والتخفيف ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) يعني في الصلاة، قال الحسن: يعني في صلاة المغرب والعشاء.
قال قيس بن أبي حازم: صليت خلف ابن عباس بالبصرة فقرأ في أول ركعة بالحمد وأول آية من البقرة [ ثم قام في الثانية فقرأ بالحمد والآية الثانية من البقرة ] ثم ركع فلما انصرف أقبل علينا فقال: إن الله عز وجل يقول: فاقرءوا ما تيسر [ منه ]
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور السمعاني، حدثنا أبو جعفر الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا عثمان بن أبي صالح، حدثنا ابن لهيعة، حدثني حميد بن مخراق، عن أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من قرأ خمسين آية في يوم أو في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية لم يحاجه القرآن يوم القيامة، ومن قرأ خمسمائة آية كتب له قنطار من الأجر » .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني القاسم بن زكريا حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان، عن يحيى [ بن كثير ] عن محمد [ عبد الله ] بن عبد الرحمن مولى بني زهرة عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اقرأ القرآن في كل شهر » قال قلت: إني أجد قوة، قال: « فاقرأه في [ كل ] عشرين ليلة » قال قلت: إني أجد قوة، قال: « فاقرأه في كل سبع ولا تزد على ذلك » .
قوله عز وجل: ( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) يعني المسافرين للتجارة يطلبون من رزق الله ( وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) لا يطيقون قيام الليل.
روى إبراهيم عن ابن مسعود قال: أيما رجل جلب شيئًا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرًا محتسبًا فباعه بسعر يومه كان عند الله بمنـزلة الشهداء ثم قرأ عبد الله: « وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله » [ يعني المسافرين للتجارة يطلبون رزق الله ] « وآخرون يقاتلون في سبيل الله » .
( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ) أي [ ما تيسر عليكم ] من القرآن. [ قال أهل التفسير ] كان هذا في صدر الإسلام ثم نسخ بالصلوات الخمس، وذلك قوله: ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) قال ابن عباس: يريد ما سوى الزكاة من صلة الرحم، وقرى الضيف. ( وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوه عنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا ) تجدوا ثوابه في الآخرة أفضل مما أعطيتم ( وَأَعْظَمَ أَجْرًا ) من الذي أخرتم ولم تقدموه، ونصب « خيرا وأعظم » على المفعول الثاني، فإن الوجود إذا كان بمعنى الرؤية يتعدى إلى مفعولين، وهو فصل في قول البصريين وعماد في قول الكوفيين لا محل لها في الإعراب.
أخبرنا أبو القاسم يحيى بن علي الكشميهني، أخبرنا أبو نصر أحمد بن علي البخاري بالكوفة، أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد الفقيه بالموصل، حدثنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد قال: قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه » ؟ قالوا: يا رسول الله ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه . قال: « اعلموا ما تقولون » قالوا: ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله، قال [ : « ما منكم رجل إلا مال وارثه أحب إليه من ماله » قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال ] « إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخره » .
( وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ) لذنوبكم ( إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

سورة المدثر
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ( 1 )
[ ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) ] ، أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة [ بن ] عبد الرحمن عن أول ما نـزل من القرآن؟ قال: « يا أيها المدثر » قلت: يقولون: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ( العلق- 1 ) ؟ فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك، فقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدثك إلا بما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت، فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا ونظرت أمامي فلم أر شيئًا ونظرت خلفي فلم أر شيئًا فرفعت رأسي فرأيت شيئًا فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا علي ماء باردًا [ قال ] فدثروني وصبوا علي ماء باردًا قال فنـزلت: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . »
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، عن عقيل قال ابن شهاب: سمعت أبا سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي: « فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فخشيت حتى هويت على الأرض، فجئت أهلي فقلت: زملوني زملوني [ فزملوني ] فأنـزل الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ إلى قوله: فَاهْجُرْ قال أبو سلمة: والرجز الأوثان، ثم حمي الوحي وتتابع » .
قُمْ فَأَنْذِرْ ( 2 ) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ( 3 ) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ( 4 )
قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ أي: أنذر كفار مكة. ( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) عظمه عما يقوله عبدة الأوثان. ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال قتادة ومجاهد: نفسك فطهر [ عن الذنب ] فكنى عن النفس بالثوب، وهو قول إبراهيم والضحاك والشعبي والزهري. وقال عكرمة: سئل ابن عباس عن قوله: « وثيابك فطهر » فقال: لا تلبسها على معصية ولا على غدر، ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:
وإنــي بحـمد اللـه لا ثـوب فـاجر لبـست ولا من غــــدرة أتقنــع
والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء: إنه طاهر الثياب, وتقول لمن غدر: إنه لدنس الثياب. وقال أبي بن كعب: لا تلبسها على غدر ولا على ظلم ولا إثم, البسها وأنت بر [ جواد ] طاهر.
وروى أبو روق عن الضحاك معناه: وعملك فأصلح.
قال السدي: يقال للرجل إذا كان صالحًا: إنه لطاهر الثياب، وإذا كان فاجرًا إنه لخبيث الثياب.
وقال سعيد بن جبير: وقلبك ونيتك فطهر. وقال الحسن والقرظي: وخلقك فحسّنْ.
وقال ابن سيرين وابن زيد: أمر بتطهير الثياب من النجاسات التي لا تجوز الصلاة معها وذلك أن المشركين [ كانوا ] لا يتطهرون ولا يطهرون ثيابهم .
وقال طاووس: وثيابك فقصر لأن تقصير الثياب طهرة لها.
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ( 5 ) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ( 6 )
( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قرأ أبو جعفر وحفص [ عن عاصم ] ويعقوب: « والرجز » بضم الراء، وقرأ الآخرون بكسرها وهما لغتان ومعناهما واحد. قال مجاهد وعكرمة وقتادة والزهري وابن زيد وأبو سلمة: المراد بالرجز الأوثان، قال: فاهجرها ولا تقربها.
وقيل: الزاي فيه منقلبة عن السين والعرب تعاقب بين السين والزاي لقرب مخرجهما ودليل هذا التأويل قوله: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ ( الحج- 30 ) .
وروي عن ابن عباس أن معناه: اترك المآثم.
وقال أبو العالية والربيع: « الرُّجز » بضم الراء: الصنم، وبالكسر: النجاسة والمعصية.
وقال الضحاك: يعني الشرك. وقال الكلبي: يعني العذاب.
ومجاز الآية: اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال. ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) أي: لا تعطِ مالكَ مصانعةً لتُعطى أكثر منه، هذا قول أكثر المفسرين قال الضحاك ومجاهد: كان هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. قال الضحاك: هما رباءان حلال وحرام، فأما الحلال فالهدايا وأما الحرام فالربا. قال قتادة: لا تعط شيئًا طمعًا لمجازاة الدنيا يعني أعط لربك وأردْ به اللهَ. وقال الحسن: معناه لا تمنن على الله بعملك فتستكثره، قال الربيع: لا تكثرن عملك في عينك فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل. وروى خَصيف عن مجاهد: ولا تضعفْ أن تستكثر من الخير، من قولهم: حبل متين إذا كان ضعيفًا دليله: قراءة ابن مسعود: « ولا تمنن أن تستكثر » قال [ ابن ] زيد معناه: لا تمنن بالنبوة على الناس فتأخذ عليها أجرًا أو عرضًا من الدنيا .
وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ( 7 ) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ( 8 ) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ( 9 ) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ( 10 ) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ( 11 ) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ( 12 )
( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) قيل: فاصبر على طاعته وأوامره ونواهيه لأجل ثواب الله. قال مجاهد: فاصبر لله على ما أوذيت. وقال ابن زيد: ] معناه حملت أمرًا عظيمًا محاربة العرب والعجم فاصبر عليه لله عز وجل. وقيل: فاصبر تحت موارد القضاء لأجل الله. ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) أي: نفخ في الصور، وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل، يعني النفخة الثانية. ( فَذَلِكَ ) يعني النفخ في الصور ( يَوْمَئِذ ) يعني يوم القيامة ( يَوْمٌ عَسِيرٌ ) شديد. ( عَلَى الْكَافِرِينَ ) يعسر فيه الأمر عليهم ( غَيْرُ يَسِيرٍ ) غير هين. قوله عز وجل: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) أي: خلقته في بطن أمه وحيدا فريدا لا مال له ولا ولد. نـزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي، كان يسمى الوحيد في قومه . ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) أي: كثيرًا. قيل: هو ما يمد بالنماء كالزرع والضرع والتجارة. واختلفوا في مبلغه، قال مجاهد وسعيد بن جبير: ألف دينار. وقال قتادة: أربعة آلاف دينار. وقال سفيان الثوري: ألف ألف [ دينار ] . وقال ابن عباس: تسعة آلاف مثقال فضة. وقال مقاتل: كان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره شتاءً ولا صيفًا. وقال عطاء عن ابن عباس: كان له بين مكة والطائف إبل وخيل ونَعَم [ وغنم ] وكان له عير كثيرة وعبيد وجوارٍ. وقيل: مالا ممدودًا غلة شهر بشهر.
وَبَنِينَ شُهُودًا ( 13 ) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ( 14 ) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ( 15 ) كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ( 16 ) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ( 17 )
( وَبَنِينَ شُهُودًا ) حصورًا بمكة لا يغيبون عنه وكانوا عشرة، قاله مجاهد وقتادة. وقال مقاتل: كانوا سبعة وهم الوليد بن الوليد وخالد وعمارة وهشام والعاص وقيس وعبد شمس، أسلم منهم [ ثلاثة ] خالد وهشام و [ عمارة ] . ( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ) أي: بسطت له في العيش وطول العمر بسطًا. وقال الكلبي: يعني المال بعضه على بعض كما يمهد الفرش. ( ثُمَّ يَطْمَعُ ) يرجو ( أَنْ أَزِيدَ ) أي أن أزيده مالا وولدًا وتمهيدًا. ( كَلا ) لا أفعل ولا أزيده، قالوا: فما زال الوليد بعد نـزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك. ( إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ) معاندًا. ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له فيها.
وروينا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « الصعود جبل من نار يتصعد فيه [ الكافر ] سبعين خريفًا ثم يهوي » .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني ابن فنجويه، حدثنا عمر بن الخطاب، حدثنا عبد الله بن الفضل، أخبرنا منجاب بن الحارث، أخبرنا شريك، عن عمار الدهني، عن عطية، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: « سأرهقه صعودًا » قال: « هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده فإذا وضع يده ذابت [ فإذا رفعها عادت فإذا وضع رجله ذابت وإذا رفعها عادت ] »
وقال الكلبي: « الصعود » صخرة ملساء في النار يكلف أن يصعدها لا يترك أن يتنفس في صعوده، ويجذب من أمامه بسلاسل من حديد، ويضرب من خلفه بمقامع من حديد، فيصعدها في أربعين عامًا فإذا بلغ ذروتها أحدر إلى أسفلها ثم يكلف أن يصعدها ويجذب من أمامه ويضرب من خلفه فذلك دأبه أبدًا [ أبدًا ] .
 
والقلم وما يسطرون. Design by Pocket